القائمة الرئيسية

الصفحات

 عنترة ابن شداد الموسوعة الشعرية2

عنترة ابن شداد الموسوعة الشعرية2


اشتق اسم عنترة من ضرب الذباب يقال له العنتر وإن كانت النون فيه ليست بزائدة (مثل قبيلة كندة أصلها كدة) فهو من العَتْرِ والعَتْرُ الذبح والعنترة أيضاً هو السلوك في الشدائد والشجاعة في الحرب. وإن كان الأقدمون لا يعرفون بأيهما كان يدعى: بعنتر أم بعنترة فقد اختلفوا أيضاً في كونه اسماً له أو لقباً. وكان عنترة يلقب بالفلحاء، من الفلح أي شق في شفته السفلى وكان يكنى بأبي الفوارس لفروسيته ويكنى بأبي المعايش وأبي أوفى وأبي المغلس لجرأته في الغلس أو لسواده الذي هو كالغلس، وقد ورث ذاك السواد من أمه زبيبة، إذ كانت أمه حبشية وبسبب هذا السواد الكثيف عده القدماء من أغرب العرب.

درج بعض الرواة على تسمية عنترة باسم عنتر أحياناً، ولربما استناداً إلى ما سمعوه من قوله:

يدعُونَ عنترُ والرّماحُ كأنّها --- أشطانُ بئر في لبَان الأدهمِ

وقوله في موضع ثان:

ولقَد شفَى نفسِي وأبرَأ سُقمها --- قيل الفَوارس ويْك عنتر أقدم

وقد شرح الخطيب التبريزي البيت الأول بقوله: "ويروى عنتر-أي بالضم- فمن رواه بفتح الراء فإنه رخّم عنترة وترك ما قبل المحذوف على حاله مفتوحاً، ومن روى عنتر وضمّ الراء احتمل الوجهين: أحدهما أن يكون قد جعل مابقي اسماً على حاله إلّا أنه قد صار طرفاً كحرف الأعراب، والثاني مارواه المبرّد عن بعضهم أنه كان يسمى "عنتراً"، فعلى هذا الوجه لا يجوز إلا الضمّ، هكذا ذكره النحاس، ويجوز أن يكون عنتر على هذا الوجه منصوباً بـ"يدعون . ويذكر شارح القاموس أنه "قد يكون اسمه عنتراً كما ذهب إليه سيبويه". على أن المتواتر في الكتب المعتمدة وماعليه الكثيرون هو أن اسمه عنترة"لا "عنتر" والعنترة السلوك في الشدائد والشجاعة في الحرب، وهذا أقرب إلى مسمى فارس بني عبس.

افضل القصائد الشعرية  عنترة ابن شداد

 دعني اجد الى العلياء في الطلب:

دَعني أَجِدُّ إلى العَلْيَاءِ في الطَّلبِ

وأبلغُ الغاية َ القصوى منَ الرتبِ


لعلَّ عبلة َ تضحى وهيَ راضية ٌ

على سوادي وتمحوصورة َ الغضبِ


إذا رَأتْ سائرَ الساداتِ سائرة ً

تَزورُ شِعْري برُكْنِ البَيْتِ في رَجبِ


يا عبْلَ قُومي انظُري فِعْلي وَلا تسَلي

عني الحسودَ الذي ينبيكِ بالكذبِ


إن أقبلتْ حدقُ الفرسانِ ترمقني

وكلُّ مقدام حربٍ مالَ للهربِ


فَما ترَكْتُ لهُمْ وجْهاً لِمُنْهَزمِ

ولاّ طريقاً ينجيهم من العطبِ


فبادري وانظري طعناً إذا نظرتْ

عينُ الوليدِ إليه شابَ وهو صبيِ


خُلِقْتُ للْحَرْبِ أحميها إذا بَردَتْ

وأصطلي نارها في شدَّة اللهبِ


بصَارِمٍ حَيثُما جرَّدْتُهُ سَجَدَتْ

له جبابرة ُ الأعجامِ والعربِ


وقدْ طَلَبْتُ منَ العَلْياءِ منزلة ً

بصارمي لا بأُمِّي لا ولا بأَبي


فمنْ أجابَ نجا ممَّا يحاذره

ومَنْ أَبى طَعمَ الْحَربِ والحَرَبِ


أُعاتِبُ دَهراً لاَ يلِينُ لعاتبِ:

أُعاتِبُ دَهراً لاَ يلِينُ لعاتبِ

وأطْلُبُ أَمْناً من صُرُوفِ النَّوائِبِ


وتُوعِدُني الأَيَّامُ وعْداً تَغُرُّني

وأعلمُ حقاً أنهُ وعدُ كاذبِ


خَدَمْتُ أُناساً وَاتَّخَذْتُ أقارباً

لِعَوْنِي وَلَكِنْ أصْبَحُوا كالعَقارِبِ


يُنادُونني في السِّلم يا بْنَ زَبيبة ٍ

وعندَ صدامِ الخيلِ يا ابنَ الأطايبِ


ولولا الهوى ما ذلَّ مثلي لمثلهم

ولا خَضعتْ أُسدُ الفَلا للثَّعالبِ


ستذكرني قومي إذا الخيلُ أصبحتْ

تجولُ بها الفرسانُ بينَ المضاربِ


فإنْ هُمْ نَسَوْني فالصَّوَارمُ والقَنا

تذكرهمْ فعلي ووقعَ مضاربيِ


فيَا لَيْتَ أَنَّ الدَّهْرَ يُدني أَحبَّتي

إليَّ كما يدني إليَّ مصائبيِ


ولَيْتَ خيالاً مِنكِ يا عبلَ طارقاً

يرى فيضَ جفني بالدموعِ السواكبِ


سأَصْبِرُ حَتَّى تَطَّرِحْني عَواذِلي

وحتى يضجَّ الصبرُ بين جوانبيِ


مقامكِ في جوِّ السماء مكانهُ

وَباعِي قَصيرٌ عَنْ نوالِ الكَواكِبِ



أشاقكَ مِنْ عَبلَ الخَيالُ المُبَهَّجُ:

أشاقكَ مِنْ عَبلَ الخَيالُ المُبَهَّجُ

فقلبكَ فيه لاعجٌ يتوهجُ


فقَدْتَ التي بانَتْ فبتَّ مُعذَّبا

وتلكَ احتواها عنكَ للبينِ هودجُ


كأَنَّ فُؤَادي يوْمَ قُمتُ مُوَدِّعاً

عُبَيْلَة مني هاربٌ يَتَمعَّج


خَليلَيَّ ما أَنساكُمَا بَلْ فِدَاكُمَا

أبي وَأَبُوها أَيْنَ أَيْنَ المعَرَّجُ


ألمَّا بماء الدُّحرضين فكلما

دِيارَ الَّتي في حُبِّها بتُّ أَلهَجُ


دِيارٌ لذَت الخِدْرِ عَبْلة َ أصبحتْ

بها الأربعُ الهوجُ العواصِف ترهجُ


ألا هلْ ترى إن شطَّ عني مزارها

وأزعجها عن أهلها الآنَ مزعجُ


فهل تبلغني دارها شدنية ٌ

هملعة ٌ بينَ القفارِ تهملجُ


تُريكَ إذا وَلَّتْ سَناماً وكاهِلاً

وإنْ أَقْبَلَتْ صَدْراً لها يترَجْرج


عُبيلة ُ هذا دُرُّ نظْمٍ نظمْتُهُ

وأنتِ لهُ سلكٌ وحسنٌ ومنهجُ


وَقَدْ سِرْتُ يا بنْتَ الكِرام مُبادِراً

وتحتيَ مهريٌ من الإبل أهوجُ


بأَرْضٍ ترَدَّى الماءُ في هَضَباتِها

فأَصْبَحَ فِيهَا نَبْتُها يَتَوَهَّجُ


وأَوْرَقَ فيها الآسُ والضَّالُ والغضا

ونبقٌ ونسرينٌ ووردٌ وعوسجُ


لئِنْ أَضْحتِ الأَطْلالُ مِنها خَوالياً

كأَنْ لَمْ يَكُنْ فيها من العيش مِبْهجُ


فيا طالما مازحتُ فيها عبيلة ً

ومازحني فيها الغزالُ المغنجُ


أغنُّ مليحُ الدلَّ أحورُ أَكحلٌ

أزجُّ نقيٌ الخدَّ أبلجُ أدعجُ


لهُ حاجِبٌ كالنُّونِ فوْقَ جُفُونِهِ

وَثَغْرٌ كزَهرِ الأُقْحُوَانِ مُفَلَّجُ


وردْفٌ له ثِقْلٌ وَقدٌّ مُهَفْهَفُ

وخدٌّ به وَرْدٌ وساقٌ خَدَلَّجُ


وبطنٌ كطيِّ السابرية ِ لينٌ

أقبّ لطيفٌ ضامرُ الكشح أنعجُ


لهوتُ بها والليلُ أرخى سدولهُ

إلى أَنْ بَدا ضَوْءُ الصَّباح المُبلَّجُ


أراعي نجومَ الليلُ وهي كأنها

قواريرُ فيها زئبق يترجرجُ


وتحتي منها ساعدٌ فيه دملجٌ

مُضِيءٌ وَفَوْقي آخرٌ فيه دُمْلجُ


وإخوانُ صدق صادقينَ صحبتهمْ

على غارة ً من مثلها الخيلُ تسرجُ


تَطوفُ عَلَيْهمْ خَنْدَرِيسٌ مُدَامَة ٌ

تَرَى حَبَباً مِنْ فَوْقِها حينَ تُمزَجُ


ألا إنَّها نِعْمَ الدَّواءُ لشاربٍ

أَلا فاسْقِنِيها قَبْلما أَنْتَ تَخْرُج


فنضحيْ سكارى والمدامُ مصفَّف

يدار علينا والطعامُ المطبهجُ


وما راعني يومَ الطعانِ دهاقهُ

إليَ مثلٍ منْ بالزعفرانِ نضرِّجُ


فأقبلَ منقضَّاعليَّ بحلقهِ

يقرِّبُ أحياناً وحيناً يهملجُ


فلمَّا دنا مِني قَطَعْتُ وَتِينَهُ

بحدِّ حسامٍ صارمٍ يتفلجُ


كأنَّ دماءَ الفرسِ حين تحادرتْ

خلوقُ العذارى أو خباءُ مدبجُ


فويلٌ لكسرى إنْ حللتُ بأرضهِ

وويلٌ لجيشِ الفرسِ حين أعجعجُ


وأحملُ فيهمْ حملة ً عنترية ً

أرُدُّ بها الأَبطالَ في القَفْر تُنبُجُ


وأصدمُ كبش القوم ثمَّ أذيقهُ

مرارَة َ كأْسِ الموتِ صبْراً يُمَجَّجُ


وآخُذُ ثأرَ النّدْبِ سيِّدِ قومِهِ

وأضرُمها في الحربِ ناراً تؤجَّجُ


وإني لحمالٌ لكلِّ ملمة ٍ

تَخِرُّ لها شُمُّ الجبالِ وَتُزْعَجُ


وإني لأحمي الجارَ منْ كلّ ذلة ٍ

وأَفرَحُ بالضَّيفِ المُقيمِ وأَبهجُ


وأحمي حمى قومي على طول مدَّتي

الى أنْ يروني في اللفائفِ أدرجُ


فدُونَكُمُ يا آلَ عَبسٍ قصيدة ً

يلوحُ لها ضوْءٌ منَ الصُّبْح أبلَجُ


ألا إنها خيرُ القصائدِ كلها

يُفصَّل منها كلُّ ثوبٍ وينسجُ


طربتَ وهاجتكَ الظباءُ السوانح:

طربتَ وهاجتكَ الظباءُ السوانح

غداة َ غدت منها سنيحٌ وبارح


تغالتْ بي الأشواقُ حتى كأنما

بزندينِ في جوفي منَ الوجدِ قادح


وقد كنتَ تخفي حبّ سمراءَ حقبة ً

فَبُحْ لانَ منها بالذي أَنْتَ بائحُ


لعَمْري لقد أُعذِرْتُ لو تَعذِرينني

وخشنت صدراً غيبهُ لك ناصحُ


أعاذل كمْ من يوم حربٍ شهدتهُ

له مَنْظرٌ بادي النَّواجذِ كالحُ


فلم أرَ حياً صابروا مثل صبرنا

ولا كافحوا مثلَ الذينَ نُكافحُ


إذا شِئتُ لاقاني كَميُّ مُدَجَّجٌ

على اعوجيّ بالطعانِ مسامحُ


نُزاحِفُ زَحفاً أَو نلاقي كَتيبَة ً

تُطاعِنُنا أَو يذَعرُ السَّرحَ صائحُ


فَلمَّا التَقينا بالجِفار تصَعصَعوا

وردَّت على أعقابهنَّ المسالح


وسارتْ رجالٌ نحو أخرى عليهم الح

ديدُ كما تمشي الجمالُ الدوالحُ


إذا ما مَشوا في السَّابغاتِ حَسبتُهُمْ

سيولاً وقد جاشتْ بهن الأباطحُ


فأشرعَ راياتٌ وتحت ظلالها

من القوْم أبْناءُ الحروبِ المراجحُ


ودُرْنا كما دارَتْ على قطبها الرَّحى

ودَارَتْ على هام الرِّجال الصَّفائحُ


بهاجرة ٍ حتَّى تغَّيبَ نورها

وأقبل ليلٌ يقبضُ الطَّرف سائحُ


تداعى بنو عبسٍ بكلِّ مهنَّدٍ

حُسامٍ يُزيلُ الهامَ والصَّفُّ جانحُ


وكلُّ رُدَيْنيٍّ كأنَّ سِنانَهُ

شهابٌ بدَا في ظُلمَة ِ اللَّيْل وَاضحُ


فخلُّوا لنا عُوذَ النِّساءِ وَجبَّبُوا

عباديدَ منهم مُستَقيمٌ وجَامحُ


وكلَّ كعوبٍ خدلة السَّاق فخمة ٍ

لها مَنْبتٌ في آلِ ضَبَّة طامحُ


تركنا ضراراً بين عانٍ مكبَّل

وبين قَتيلٍ غاب عنهُ النَّوَائحُ


وعمْراً وَحيَّاناً ترَكْنا بقَفْرَة ٍ

تعودهما فيها الضّباعُ الكوالح


يجرِّرْنَ هاماً فلَّقتها رِماحُنا

تزيَّل منهنَّ اللحى والمسايح


إذا فاضَ دمعي واستهلّ على خدِّي:

إذا فاضَ دمعي واستهلّ على خدِّي

وجاذبني شوقي إلى العلم السّعدي


أذكر قومي ظلمهم لي وبغيهم

وقلة َ إنصافي على القربِ والبعدِ


بَنَيْتُ لهمْ بالسَّيفِ مجْداً مُشيّداً

فلّما تناهى مجدهمْ هدموا مجدي


يعيبونَ لوني بالسواد وإنما

فعالهم بالخبث أسودُ من جلدي


فواذلّ جيراني إذا غبتُ عنهمُ

وطالَ المدَى ماذا يلاقونَ من بَعدي


أَتحْسبُ قَيْسٌ أنَّني بعد طردِهمْ

أخافُ الأعادي أو أذلَُ من الطَّردِ


وكيفَ يحلَُ الذُلّ قلبي وصارمي

إذا اهتزَّ قَلْبُ الضَّدِّ يخْفِقُ كالرَّعْد


متى سلّ في كفِّي بيوم كريهة

فلا فَرْقَ ما بيْنَ المشايخ والمُرْدِ


وما الفخرٌ إلاّ أنْ تكونَ عمامتي

مكوّرة َ الأطرافِ بالصّارم الهندي


نديميّ إمّا غبتما بعد سكرة ٍ

فلا تذكرا أطلالَ سلمى ولاهندِ


ولا تَذْكرا لي غيرَ خَيلٍ مُغيرة ٍ

ونقعْ غبارٍ حالك اللّون مسودّ


فإنّ غبارَ الصّافِنات إذا علا

نشقتُ لهُ ريحاً ألذَّ منَ النّدّ


وريحانتي رمحي وكاساتُ مجلسي

جماجمُ ساداتِ حراصٍ على المجد


ولي منْ حسامي كلّ يوْمٍ على الثَرى

نقوشُ دمٍ تغني النَّدامى عن الوردِ


وليْسَ يَعيبُ السَّيفَ إخلاقُ غِمْدِه

إذا كانَ في يوم الوغى قاطع الحدّ


فلِلَّهِ دَرِّي كمْ غُبارٍ قطَعْتُهُ

على ضامر الجنبين معتدلِ القدّ


وطاعنتُ عنه الخيل حتى تبّددت

هزاماً كأسرابِ القطاءِ إلى الوردِ


فزَارة ُ قد هيَجتُم لَيثَ غابة ٍ

ولم تفرقوا بين الضلالة ِ والرُّشدِ


فقولوا لِحصْنٍ إنْ تَعانَى عدَاوَتي

يبيتُ على نارٍ من الحزنِ والوجدِ


فخْرُ الرِّجالِ سلاسلٌ وَقيُودُ:

فخْرُ الرِّجالِ سلاسلٌ وَقيُودُ

وكذا النساءُ بخانقٌ وعقودُ


و اذا غبارالخيل مد رواقة

سُكْري بهِ لا ما جنى العُنْقودُ


يادهرُ لا تبق عليَّ فقد دنا

ما كنتُ أطلبُ قبلَ ذا وأريد


فالقتْلُ لي من بعد عبْلة َ راحَة ٌ

والعَيشُ بعد فِراقها منكُودُ


يا عبْلَ! قدْ دنتِ المَنيّة ُ فاندُبي

ان كان جفنك بالدموع يجود


يا عبلَ! إنْ تَبكي عليَّ فقد بكى

صَرْفُ الزَّمانِ عليَّ وهُوَ حَسُودُ


يا عبلَ! إنْ سَفكوا دمي فَفَعائلي

في كل يومٍ ذكرهنّ جديد


لهفى عليك اذا بقيتى سبية

تَدْعينَ عنْترَ وهوَ عنكِ بعيدُ


ولقد لقيتُ الفُرْسَ يا ابْنَة َ مالكِ

وجيوشها قد ضاق عنها البيد


وتموجُ موجَ البحرِ إلا أنَّها

لاقتْ أسوداً فوقهنَّ حديد


جاروا فَحَكَّمْنا الصَّوارمَ بيْننا

فقَضتْ وأَطرافُ الرماحِ شُهُود


يا عبلَ! كم منْ جَحْفلٍ فرَّقْتُهُ

والجوُّ أسودُ والجبالُ تميدُ


فسطا عليَّ الدَّهرُ سطوة َ غادرٍ

والدَّهرُ يَبخُلُ تارة ويجُودُ


إذا رشقت قلبي سهامٌ من الصَّدّ:

إذا رشقت قلبي سهامٌ من الصَّدّ

وبدلَ قربي حادثُ الدَّهر بالبعد


لبست لها درعاً من الصَّبر مانعاً

ولاقَيتُ جَيْشَ الشَّوْقِ مُنْفرداً وحدي


وبتُّ بطَيْفٍ منْكِ يا عبلَ قانِعاً

ولو باتَ يسرى في الظَّلام على خدّى


فبالله يا ريحَ الحجازِ تنفَّسي

على كَبدٍ حَرَّى تَذُوبُ من الوجْدِ


ويا بَرْقُ إنْ عَرَّضت من جانبِ الحمى

فَحَيِّ بني عَبْسٍ على العلم السَّعْدي


وانْ خمدتْ نيرانُ عبلة موهناٌ

فكن أنتَ في اكنافها نيّرَ الوقد


وَخَلِّ النّدَى ينْهلُّ فوقَ خِيامِها

يُذَكِّرُها أني مُقيمٌ على العَهْدِ


عدِمْتُ اللّقا إنْ كنتُ بعد فِراقها

رقدْتُ وما مَثَّلْتُ صورَتها عندي


ومَا شاقَ قَلبي في الدُّجَى غيرُ طائرٍ

ينوحُ على غصنٍ رطيب من الرَّند


به مثل ما بي فهو يخفى من الجوى

كمَثْل الذي أخفِي ويُبْدي الي أبدي


ألا قاتلَ اللهُ الهوى كم بسيفهِ

قتيلُ غرامٍ لا يُوَسّدُ في اللَّحْدِ


أَحْرَقَتْني نارُ الجَوى والبعادِ:

أَحْرَقَتْني نارُ الجَوى والبعادِ

بَعد فَقْدِ الأَوْطانِ والأَولاد


شابَ رأسي فصارَ أبيض لوناً

بعد ما كان حالكاً بالسواد


بين العقيق وبينَ برْقَة ِ ثَهْمَد:

بين العقيق وبينَ برْقَة ِ ثَهْمَد

طللٌ لعبلة َ مستهلُّ المعهدِ


يا مسرحَ الآرام في وادي الحمى

هل فيكَ ذو شجنٍ يروحُ ويغتدي


في أَيمَن العَلميْن دَرْسُ مَعالمٍ

أوهى بها جلدي وبانَ تجلدِي


منْ كلّ فاتنة ٍ تلفتْ جيدُها

مرحاً كسالفة ِ الغزالِ الأغيد


يا عبْلُ كمْ يُشْجَى فُؤَادي بالنَّوى

ويرُعني صَوْتُ الغُرابِ الأَسودِ


كيف السُّلوُّ وما سمعتُ حمائماً

يَنْدُبْنَ إلاّ كُنْتُ أوَّلَ منْشِدِ


ولقدْ حبستُ الدَّمع لا بخلاً بهِ

يوْم الوداعِ على رُسوم المَعهَدِ


وسألتُ طير الدَّوح كم مثلي شجا

بأنينهِ وحنينهِ المتردّد


ناديتهُ ومدامعي منهلة ٌ

أيْن الخليُّ منَ الشَّجيِّ المُكْمَدِ


لو كنتَ مثلي ما لبثت ملوّناً

وهتفتّ في غضن النقا المتأوّد


رَفعوا القبابَ على وُجوهٍ أشْرَقَتْ

فيها فغيّبت السهى في الفرقد


واسْتوْقفُوا ماءَ العُيونِ بأعينٍ

مَكحولة بالسِّحْر لا بالإثمِدِ


والشمسُ بين مضرَّجِ ومبلجٍ

والغُصنُ بين موَشَّحٍ ومقلَّدِ


يطلعنَ بين سوالفٍ ومعاطف

وقلائد منْ لؤلوءٍ وزبرجدِ


قالوا اللّقاء غداً بمنْعَرَج اللِّوى

واطولَ شَوْقِ المستَهامِ إلى غدِ


وتخالُ أنفاسي إذا ردَّدتها

بين الطلول محتْ نقوشَ المبْرد


وتنوفة ٍ مجهولة ٍ قد خضتها

بسنان رمحٍ نارهُ لمْ تخمدِ


باكرتها في فتية ٍ عبسية ٍ

منْ كلِّ أرْوعَ في الكريهة ِ أصيدِ


وتَرى بها الرَّاياتِ تَخفُقُ والقنا

وَتَرى العَجاجَ كمثْل بَحرٍ مُزْبدِ


فهناك تنْظرُ آلُ عَبْسٍ مَوْقفي

والخيْلُ تَعثُر بالوشيج الأَمْلدِ


وبوارقُ البيض الرقاقِ لوامعٌ

في عارض مثلِ الغمام المرعدِ


وذوابلُ السُّمر الدّقاق كأَنّها

تحتَ القتام نُجومُ لَيْلٍ أسوَد


وحوافرُ الخيل العتاق على الصفا

مثْلُ الصواعق في قفار الفدْفدِ


باشرْتُ موكبها وخضتُ غُبارَها

أطفأتُ جَمرَ لهيبها المتوقِّدِ


وكررتُ والأبطالُ بينَ تصادم

وتهاجمٍ وتحزُّبٍ وتشدُّدِ


وفَوارسُ الهيجاءِ بينَ ممانعٍ

ومُدافعٍ ومخادعٍ ومُعربدِ


والبيضُ تلمعُ والرِّماح عواسلٌ

والقومُ بين مجدَّلٍ ومقيدِ


ومُوسَّدٍ تَحْتَ التُّرابِ وغيرُهُ

فوقَ الترابِ يئنُ غير موسَّدِ


والجوُّ أقتمُ والنجومُ مضيئة ٌ

والأفقُ مغبرُّ العنانِ الأربدِ


أقحمتُ مهري تحتَ ظلّ عجاجة ٍ

بسنان رمحٍ ذابلٍ ومهندِ


رَغَّمتُ أنفَ الحاسِدينَ بسَطْوتي

فغدوا لها منْ راكعين وسجَّدِ


وتذكرتُ عبلة َ يومَ جاءت

لوداعي والهمُّ والوجد باد


وَهي تُذْري من خيفَة ِ البُعْدِ دمْعاً

مُستهِلاًّ بلَوْعة ٍ وَسُهاد


قلْتُ كِفِّي الدُّمُوعَ عنْكِ فقلبي

ذاب حزناً ولوعتي في ازديادِ


ويحَ هذا الزَّمانِ كيفَ رَماني

بسهامٍ صابتْ صميمَ فؤادي


غيرَ أني مثْلُ الحُسام إذا ما

زادَ صقلاً جادّ يوم جلادِ


حنكتني نوائبُ الدهر حتى

أوقفتني على طريقِ الرشادِ


ولقيتُ الأبطالَ في كل حربٍ

وهزمتُ الرجال في كلِّ وادي


وتركتُ الفرسانَ صرعى بطعنٍ

منْ سِنانٍ يحْكي رُؤُوس المزاد


وحسامٍ قد كنتُ من عهد شدَّا

دٍ قديماً وكانَ منْ عهدِ عادِ


وقهرتُ الملوكَ شرقاً وغرباً

وأَبَدْتُ الأَقْرانَ يوْم الطِّراد


قلَّ صبري على فراق غصوبٍ

وهْو قد كان عُدَّتي واعتِمادي


وكذا عروة ٌ وميسرة ٌ حا

مي حمانَا عِند اصْطدام الجياد


لأَفُكَّنّ أَسْرَهُمْ عن قريبٍ

منْ أيادِي الأَعداءِ والحُسَّاد


عنترة وعبلة وقصة الحب

أحبّ عنترة ابنة عمه عبلة بنت مالك أعظم الحب وأشده، وكانت من أجمل نساء قومها وأبعدهن صيتاً في اكتمال العقل ونضرة الصبا، ويقال إنه كان من أقسى مايعيق هذا الحب صلف أبيها مالك وأنفة أخيها عمرو.
تقدم عنترة إلى عمه مالك يخطب ابنته عبلة، ولكنه رفض أن يزوج ابنته من رجل أسود. ويقال: إنه طلب منه تعجيزاً له وسداً للسبل في وجهه ألف ناقة من نوق النعمان المعروفة بالعصافير مهراً لإبنته، ويقال: أن عنترة خرج في طلب عصافير النعمان حتى يظفر بعبلة، وإنه لقي في سبيلها أهوالاً جساماً، ووقع في الأسر، ثم تحقق حلمه في النهاية وعاد إلى قبيلته ومعه مهر عبلة ألفاً من عصافير الملك النعمان. ولكن عمه عاد يماطله ويكلفه من أمره شططاً، ثم فكر في أن يتخلص منه، فعرض ابنته على فرسان القبائل على أن يكون المهر رأس عنترة.
ثم تكون النهاية التي أغفلتها المصادر القديمة وتركت الباحثين عنها يختلفون حولها، فمنهم من يرى أن عنترة فاز بعبلة وتزوجها، ومنهم من يرى أنه لم يتزوجها، وإنما ظفر بها فارس آخر من فرسان العرب. 
عنترة ابن شداد الموسوعة الشعرية2


نهاية حياة عنترة ابن شداد

انتهت حياة عنترة بعد أن بلغ من العمر تسعين عاماً تقريباً، فقد كانت حياته منحصرة بين سنتي 525 و615 ميلادية، وذكر الزركلي في الأعلام أن وفاته كانت في عام 600 ميلادية، وهو ما يوازي العام الثاني والعشرين قبل الهجرة.




اي استفسار اتصل بنااتصل بنا
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع